الأربعاء، 24 سبتمبر 2008



دون الدخول فى تفاصيل حول مسار ونتائج ثورة يوليو التى اختلفت الآراء حولها هل لنا أن نستوضح ضرورة اللحظة التى عجلت بقيامها لتغير مسار الحياة فى مصر على كل المستويات ؟

ذلك كى نرى مواقع أقدامنا لنستجلى حق الوقت الذى تمر به مصر اليوم ! لنجيب على التساؤل هل مصر فى حاجة الى ثورة أخرى أم لا؟ يساعدنا فى ذلك استحضار الوضع الذى كانت مصر عليه فى محاولة لفهم أسباب قيام الثورة ! وهل ذلك كان ضرورة قد تتكرر لو تشابهت الظروف أم لا؟ ! جيل الثورة - ونحن شئنا أم أبينا من جيل الثورة اتفقنا معها أو اختلفنا – يقولون إن الثورة قامت ضد الاحتلال والقصر والإقطاع وهذا يعنى أن النظام الحاكم لم يكن مخلصا فى أدائه بل انشغل بنفسه ومصالحه وشهواته عن الشعب ومصالحه واحتياجاته كما يعنى أن الاحتلال قد ارتهن إرادة مصر من خلال السيطرة على القصر ورجاله ويؤكد ذلك أن الإقطاع والإقطاعيين قد استولوا على مقدرات البلاد فى حماية القصر والاحتلال !! فهل هذا يعنى تشابها فى الظروف ؟ إن مصر كما يراها أبناؤها لم تعد ملكهم فليست هى الأم الرؤوم التى تسهر على راحتهم وسعادتهم وتوفر لهم الحياة الكريمة وليست هى التى تحفظ عليهم كرامتهم وتحمى حقوقهم الإنسانية ! بل ليست هى مصر التى تحمى أبنائها فى الداخل والخارج بل غاية المنى أن يبعد المصرى عنها وتبعد عنه كى يحيا حياة مستقرة فى أى مكان !!! مصر بهذا الحال قد لا تجد من يتحمس لها إذا جدت الخطوب وادلهمت الظروف وحان وقت الجد للدفاع عنها !

فقد ربت مصر أبنائها على السلبية والبحث عن المصلحة الشخصية وأورثت أبنائها الخوف والنفاق خلال الخمسين عاما الأخيرة وأغلب المصريين تحت هذا العمر !! وإذا بنا بعد كل هذه السنين نجد نظاما لم يقدم خلال فترة حكمه التى امتدت أكثر من 25 عاما شيئا يذكر يفتخر به المصريون فى أى مجال علما وتعليما ، ثقافة أو فنونا ، رياضة أو بحوثا ، اقتصادا أو سياسة حتى أن نفوذ مصر قد انزوى انكماشا على المستوى الإقليمى والعربى والإفريقى والاسلامى والدولى !! رغم أن مصر قد داينت دولة الاحتلال وقتها قبل الثورة بأكثر من 500 مليون جنيه استرلينى وكانت مازالت تقدم للأمة علماء وأدباء وفنانين وعلوم دنيا ودين أى أن ما أوصلنا اليه - قصر اليوم - أسوأ مما كنا عليه قبل قيام الثورة .

فإذا نظرنا الى الإحتلال فسنرى عجبا أنه قد تم استبدال الاحتلال الأجنبى باحتلال وطنى !! من بنى جلدتنا يلبسون مثلنا ويتكلمون بألسنتنا وهم منا ونحن منهم براء لأنهم يحملون أجندة الأجنبي وقد تعود المصريون على الثورة على المحتل الأجنبي الذى يلهم الشعب روح المقاومة والتحدى والإصرار على التخلص منه بينما أصحاب الاحتلال الوطني يستغل القرابة ويجعل معارضته خيانة وتهديد للأمن القومي أحيانا !! والوقوف أمامه تجاوز يهدد لحمة الوطن فيصبح تحديه مؤامرة والصراخ فى وجهه سوء أدب والمطالبة بعزله إثارة للفتن و إجرام وإرهاب يستوجب بقاء قانون الطوارئ طوال فترة حكمه !!!! فاختلف المصريون وبقى الحال على ما هو عليه لوحدة الجناة واختلاف الضحايا !

فإذا بحثنا على الإقطاع لوجدنا أنهم قبل الثورة - مقارنة بإقطاعيين اليوم من رجال أعمال ومحتكرين وأصحاب نفوذ – ملائكة، كان لأكثرهم قلب رحيم بل منهم من اسس لمصر اقتصادا قويا ووهب لها عمره وأمواله وفكره ! أما إقطاعي مصر اليوم فهم بلا قلب بلا خلق بلا مشاركة حقيقية فى اقتصاد مصر ، أعمالهم بلا مردود وطنى ونشاطهم بلا مضمون فعلى ينعكس على حياة المصريين اللهم إلا زيادة فى الفقر وانسحاقا لطبقة الأمان الوسطى وامتصاصا لدماء الشعب المطحون محاطا كل ذلك بإذلال وإهانة من حماة الفساد بأوامر من النظام الذى يدب فيه اليوم خلافا يتطاير شظاه على الوطن من آن لآخر !!

والآن جاء حريق الشورى الغامض كما كان حريق القاهرة غامضا، ومع تشابه الاضطراب الحادث فى صفوف أهل الحكم واستسلامهم لأعداء الوطن ومشاركتهم فى حصار الشعوب التى يملكون أمرها أو يتحكمون فى حدودها – مصر وأهل فلسطين فى غزة – للاضطراب الذى كان فى القصر وتتابع الحكومات فى شهور قليلة بعد أن خذلوا أيضا فلسطين وسلموها للعصابات الصهيونية عام 1948م!! هل ياترى قد يحدث تغيير سياسي كبير فى محاولة لإنقاذ المصريين من سوء اللحظة فسادا وظلما واستبدادا ؟!! أظن للإجابة على هذا السؤال نحتاج أن نستحضر المناخ بأكمله والذى فى ظله تربى المصريون وأن نستعرض الصفات والأخلاق التى كانت فى حوزتهم عندئذ ونبحث عنها فى الوقت الراهن لدى الشعب المصرى وعلاقة ذلك باستحقاق النصر من عدمه ! وهل فى غياب هذه المقومات قد يحدث التغيير الذي ننتظره ؟!!! كلها أسئلة تحتاج لإجابات واضحة صريحة وصدق الله العظيم " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" " وما النصر إلا من عند الله" " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" " إن الله بالغ أمره" " إن الله لقوى عزيز"

ليست هناك تعليقات: